نوقش في كلية العلوم الاسلامية بجامعة بغداد رسالة ( البلاغة العربية بين القراءة القديمة والجديدة القصائد الفاطمية في موسوعة الفاطميات مثالاً (دراسة وصفية تحليلية مقارنة)) للطالب رسول محمد حالوب من قسم اللغة العربية على قاعة ال البيت في الكلية.
تناولت الرسالة اللسانيات الحديثة التي تكشّفت جوانب مضيئة في تراثنا البلاغي مسجلة الريادة والسبق لهذه البلاغة في العديد من المفاهيم التي لم تصل إليها نظيرتها البلاغة الغربية إلاّ من وقت قريب.
فمفهوم البلاغة اليوم عند الغربيين يطابق الرؤية العربية التراثية التي ترى أنَّ البلاغة هي بلاغة عامة تتناول جميع الخطابات؛ ذلك أن البلاغة العربية ولدت من البديع الذي يغذيه الشعر، والبيان الذي غذته الخطابة.
إلى جانب أن الاعتبار الذي رُدَّ لأطراف العملية الإبداعية في التداولية اليوم هو اعتبار لم يسلب في البلاغة العربية أصلاً، لاسيّما عند الجرجاني (ت471 أو 474هـ) الذي انتقل من اختزال البلاغة في التحويل الدلالي في كتاب (أسرار البلاغة) إلى المناسبة المقامية، أي إلى التداولية اللسانية في كتابه (دلائل الإعجاز)، والسكاكي الذي اهتم بمقامات القول ومقاصده، أي بأبعاده التداولية، بعد أن كانت الأسلوبية هي الأسلوب السائد في نقد البديع الذي استمر يتغذى من النقد والخصومات الأدبية مثلما هو معروف تاريخياً، لتطفو هذه الأسلوبية مجدداً بعد عملية الاختزال التي تعرضت لها البلاغة العربية مهملة بعض عناصر العملية الإبداعية، أي الجانب التداولي فيها.
إنَّ هذه المراوحة بين ازدهار البلاغة العربية وانحطاطها وتحنيطها؛ لسوء فهمها، فضلاً عن غياب التطورات التي شهدتها البلاغة الجديدة عن الساحة البلاغية العراقية التي ما زالت تدرس في مدارسنا وأكاديمياتنا على وفق الدرس الكلاسيكي الذي يعاني من الاختزال والجمود، نقول: إنَّ هذه المراوحة وهذا الغياب كان الدافع الأول لهذه الدراسة، فانصب اهتمامنا لإبراز القراءات التي توافرت لبلاغتنا العربية وإنصافها ونفض الغبار عن إنجازاتها التي لم تفهم إلاّ في ظل اللسانيات الغربية الحديثة بدءً من تعريفها (مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحتها)، الذي يحوي عناصر العملية الإبداعية برمتها مثلما أظهرته هذه الدراسة.
ووفقاً لذلك، فإننا نعتقد أن التقسيمات المدرسية للبلاغة العربية التي بدأها السكاكي وأصّلها شُرّاحه لا يمكن أن يُعتدُّ بها اليوم بعد أن أصبحت البلاغة تُعنى بوصف

Comments are disabled.