نظم منبر العلوم الاسلامية للثقافة والمعرفة، محاضرة دولية ثقافية تحت عنوان (انبعاث الإسلام في الأندلس مسارات وتحديات) بالتعاون بين شعبة الإعلام ووحدتي التعليم المستمر وتكنولوجيا المعلومات. وقد حاضر فيها كل من الأستاذ المساعد الدكتور قصي عدنان الحسيني التدريسي بكلية الآداب بالجامعة المستنصرية، والدكتورة الطبيبة حسناء الشريف الكتاني _ دكتوراه دولة في طب الأسنان، وباحثة مهتمة بقضايا الإسلام في الأندلس والأقليات الإسلامية_ من المملكة المغربية، وأدار الجلسة حواريا الأستاذ الدكتور ثائر إبراهيم الشمري، والأستاذ المساعد الدكتور صفاء عبدالله برهان، وتقنيا السيدة غفران رزاق مسؤولة وحدة التعليم المستمر، والسيدة منتهى كاظم مسؤولة وحدة تكنولوجيا المعلومات. 

المحور الأول من المحاضرة قدمه الدكتور الحسيني، تناول واقع الإسلام بالأندلس بعد استسلام غرناطة سنة 1497م، وما تعرض له المسلمون من اضطهاد من قبل محاكم التفتيش، كذلك عرض إلى واقع الإسلام دعويا وسياسيا وقانونيا. بعدها تحدث عن ثقافة الألخميادو وأهميتها، وكيف استطاع المسلمون الأندلسيون حفظ دينهم وهويتهم بها، بل وحفظ اللهجات المحلية أيضا، وقرَّر في حديثه أهمية الانفتاح وعدم الجمود على الطائفية، وأن الأمة المنفتحة على الآخر تنجز في مختلف المجالات أكثر من غيرها، وهو الاتجاه الذي ذهبت إليه الدولة الاسبانية اليوم باعترافها بالرافد الإسلامي والعربي كمكون من مكونات الهوية الإسبانية.

أما المحور الآخر فقد ألقته الدكتورة حسناء الشريف الكتاني، وقد استعرضت محطات مهمة في تاريخ الإسلام في شبه الجزيرة الإيبيرية، مفندة دخول الإسلام غزوا عربيا إسلاميا، وأن الأندلسيين بدأوا في الدخول في الإسلام قبل نحو سبعين عاما من الفتح الإسلامي، بحسب ما يدل على ذلك من الآثار الأركيولوجية الكثيرة، كما فندت دعوى خروج جميع المسلمين من الأندلس، وأثبتت بطلانها، وأن الذين خرجوا إنما كانوا النخبة فحسب، وتناولت بالحديث باعث القومية الأندلسية الشهيد بلاس انفانتي.

الدكتورة الكتاني تحدثت كذلك عن أثر والدها الشهيد الدكتور علي بن المنتصر الكتاني، رحمه الله تعالى، في بعث الإسلام في الأندلس بعد ركود واضطهاد دام نحو خمسة قرون، وتناولت إنجازاته في تأسيس الجماعة الإسلامية بالأندلس، واتحاد البلديات الموريسكية، والمجلس الإسلامي الأعلى بإسبانيا، وجامعة ابن رشد الإسلامية الدولية، وأنشطة الجامعة المذكورة، وتأثير تلك الأعمال في استصدار قوانين تخدم انبعاث الوجود الإسلامي في الأندلس، بعد قمع طويل. وحكت قصة لقائه بدوقة مدينة سيدونيا التي حدثته عن أصولها المسلمة، بقولها: (إن أصلنا – عائلة دوق مدينة سيدونيا – مسلمون، بل أكثر من ذلك أننا كنا مسلمين سرا. وقالت له: تعال أريك في قصرنا؛ كنت أدق حائطا و عندما أسقطته و جدت أسفله مسجدا داخل القصر). وقد كشفت له عما تمتلكه من مكتبة فاخرة مليئة بوثائق عمرها خمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية، وهي بمثابة برهان على الوجود الإسلامي في أمريكا قبل أربعمائة عام من مجيء كريستوف كولومبوس. وذكرت كذلك اكتشاف مقبرة إسلامية بسرقسطة تضم 400 قبر، وختمت حديثها بذكر وفاة الدكتور علي الكتاني في ظروف مأساوية، كما أنها تحدثت عن نشأته ونسبه الشريف المتصل بأهل البيت عليهم السلام، ومكانته وجهوده الأندلسية.

Comments are disabled.