نظمت وحدة التعليم المستمر محاضرة بعنوان (الخلفيات الفكرية للقراءات اللسانية الحديثة)، وقد ضيفت فيها التدريسيين في قسم العقيدة والفكر الإسلامي الأستاذ الدكتور سلمان عباس عبد والأستاذ المساعد الدكتور أيمن متعب سعود. اللذين اقتسما محوري المحاضرة
المحور الأول اللسانيات بين الخلفيات الفكرية والمفاهيم النظرية، وقد عرض فيه الدكتور سلمان حقيقة التغريب الذي أصاب المشرقيين جراء الاستعمال الأوربي للعرب، مما أدى إلى الإعجاب بحضارة الغرب، واحتقار العقل العربي جملة وتفصيلا… وهذا ما سمي بالصراع بين (التراث والحداثة) الذي أدى إلى تبني قضية ( القطيعة المعرفية مع الماضي) بل أصبحت هذه القضية شرطا للحداثة، حتى وصل العقل العربي إلى حد التبعية المطلقة للحضارة الغربية. أما مفهوم الخلفيات الفكرية، فهي (مفهوم لا يصرح به على العموم). والبحث الابستمولوجي هو الذي يكشف عنه، ويحتاج هذا الكشف إلى الاستعانة بأدوات إجرائية للبحث والتحفير والتنقيب وصولا إلى تلك الخلفيات الفكرية، وهذه الخلفيات تختلف من مدرسة لأخرى، وأما الخلاف بين اللسانيات العربية القديمة واللسانيات الغربية فهو خلاف كبير جدا. بعدها عرض للتناقض في مفهوم اللسانيات، فاللسانيات هي ذلك العلم الذي يدرس اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها، وفي ذات الوقت، تحافظ اللسانيات على صلتها بالعلوم الإنسانية والعلمية، كصلة علم النفس المعرفي مع التوليدية، وهذا الوفاء للسانيات في صلتها بالعلوم الأخرى هو نسف لمفهوم استقلالية علم اللسانيات…
أما المحور الثاني: (عوامل الاتصال باللسانيات الغربية) تحدث الدكتور أيمن عن اللسانيات بوصفه علما حديثا أرسى أسسه في مطلع القرن العشرين فردينان دي سوسور عندما ألقى «محاضرات في اللسانيات العامة» فحَّدد بذلك إشكالية المسألة اللسانية، بعد أن اتخذ موقفاً نقدياً من تصورات من سبقه من اللغويين المتقدمين الذين انطلقت دراساتهم للغة من وظيفة رئيسية هي الحفاظ على النصوص المقدسة، أو من اللغويين المتأخرين، خصوصاً في القرن التاسع عشر، الذين نظروا إلى اللغة على أنها آلية تاريخية، من غير أن ينظروا إليها من حيث وظيفتها التواصلية داخل المجتمع الإنساني. وقد أدت «محاضرات» سوسور إلى تحولٍ جعلَ دراسة اللغة «بذاتها ولذاتها» الوظيفة الأهم في اللسانيات، حيث يتقدم الداخلي (ذات اللغة) على الخارجي (المجتمع والدين والثقافة والسياسة والاقتصاد والفلسفة). ثم عرض إلى بدايات اتصال الدارسين العرب باللسانيات الغربية، والإشارة إلى بدايات التآليفات في الدعوة إلى تبني الدرس اللساني الحديث، فكان كتاب علم الأصوات للدكتور إبراهيم أنيس أول كتاب في هذا الجانب. ثم أشار إلى دور جيل الرواد من المصريين ممن تتلمذوا في الجامعات الأوربية، فنقلوا تلك النظريات إلى الجامعات العربية، وبدأت الدعوة إلى تبنيها، وضرب النظرية النحوية العربية القديمة.

Comments are disabled.