بحثت كلية العلوم الاسلامية مُمثلةً بعميدها الأستاذ الدكتور نعمة دهش فرحان في المؤتمر الدولي الثالث عشر للسيرة العلوية الذي أقامته جامعة لورستان بالجمهورية الإسلامية قبل حوالي أسبوع وقد شارك الأستاذ الدكتور الطائي ببحثٍ علميّ مُعمّق بعنوان “الإرثُ الثَّقافيُّ في نهجِ البلاغةِ: تجليات الفكر والتوظيف في بناء الوعي الإسلاميّ”.
ركز البحث على نهج البلاغة كأحد أعظم النصوص الإسلامية ليس فقط لفصاحته البلاغية وعمقه الفكري والروحي بل لدوره كمرآة تعكس شخصية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كقائد ومربٍّ ومصلح اجتماعي وأوضح الدكتور فرحان أن البحث يهدف إلى تسليط الضوء على البعد الثقافي في هذا النص الجليل وهو جانب لم يحظَ بالاهتمام الكافي مقارنةً بالجوانب العقدية والأخلاقية والسياسية.
وقد استعرض البحث كيفية توظيف الإمام علي (عليه السلام) للإرث الثقافي الغني في بيئته الإسلامية بما في ذلك العادات والتقاليد والأمثال والمسكوكات اللغوية مشيرًا إلى أن الإمام نشأ في مجتمع عربيّ زاخر بهذه الأعراف والأساليب الخطابية التي شكلت الذاكرة الجمعية للأمة وأبرز الدكتور فرحان الإسلام لم يسعَ إلى إلغاء هذا الإرث بل تهذيبه وتوجيهه ليواكب القيم الإلهية والرسالة الخاتمة.
قدم الدكتور الطائي تحليلاً مفصلاً للكيفية التي استثمر بها الإمام علي (عليه السلام) هذا المخزون الثقافي في خطابه لا سيما في توظيفه للأمثال والعادات المتوارثة كأدوات فعّالة في بناء الوعي الإسلامي وتعزيز الهوية الأخلاقية والفكرية للمجتمع. وأكد أن دراسة هذا الجانب من نهج البلاغة تفتح آفاقًا لفهم أعمق لتقاطع الدين والثقافة في التجربة الإسلامية المبكرة وتُبرز قدرة الإمام (عليه السلام) على مخاطبة الناس بلغتهم ووجدانهم مستعينًا بما ألفوه من صور وأمثال دون التفريط في جوهر الرسالة الإلهية.
كما سلط البحث الضوء على دور الإرث الثقافي كعنصر مرن يمكن أن يتحول من مجرد تقليد اجتماعي إلى أداة لليقظة وبناء الحضارة وقد اعتمد البحث في منهجيته على التحليل الوصفي، مع التركيز على جمع الأمثال العلوية ذات الإشارات الثقافية البارزة وتصنيفها وتفسيرها ضمن السياق الإصلاحي للخطاب العلوي مما يسهم في إثراء الفهم الأكاديمي للبعد الثقافي في الفكر الإسلامي.

Comments are disabled.